من نحن   |   اتصل بنا   |  
مقالات اليوم
حجم الخط :
عدد القراءات:
8011
24-04-2014 09:06 PM

العراق .. بمَا يتباهى أمين حزب الدعوة؟





بقلم: سرمد الطائي

بقاء المالكي في السلطة سيعني بقاء العراقيين في العراء، لقمة سهلة للدهاء الإقليمي وشهية الانتحاريين، هذا ما أصبح واضحاً اليوم سواء بمعايير الوطن، او بتقديرات الطائفة.

كلما طرق الموت باب العراقيين، خرج انصاره وأعادوا التذكير بأنه القوي!

سيصوت يوم الأربعاء المقبل العراقيون إلى لونين من "القوة" التي تزايدت الحاجة اليها مع تصاعد معدلات الموت.

ويشعر الفريق السياسي لنوري المالكي بذعر حقيقي وهم يسترجعون نتائج مجالس المحافظات، وقرار جمهور شيعي واسع بالتصويت لخصوم المالكي. ثم قدرة الفائزين الجدد على تحدي اغراءات السلطة وتخويفها، وتشكيل تحالفات بديلة انتزعت من دولة القانون، نحو أربع محافظات بسهولة.

ولتعويض هذا الارتياب مما سيحصل لاحقاً، يكافح هؤلاء منذ شهور، للترويج لفكرة ان المالكي هو "القوي القادر على ردع الإرهاب". وكلما دق الموت باب العراقيين، خرج انصار المالكي وأعادوا التذكير بأنه الحاكم القوي الذي سيثأر من الارهاب، دون ان يفسروا، لماذا لم يثأر حقاً طيلة هذا الوقت؟

في تصور هؤلاء، انهم سينجحون في استثارة خيال الجمهور الذي يتصور أن حكم البلدان بحاجة الى واحد من ابناء الالهة مفتول العضلات، لا ينتابه النعاس، ولا يتردد في سحق اعدائه بأصابعه، وربما صدق المالكي نفسه ذلك، فاعتاد ان يطل علينا بوجه عابس، يصطنع الحزم والشدة والصرامة، والمفاجأة انه كلما تظاهر بالقوة اكثر، كلما تعرضنا الى نكسة اشد.

يمكن لاعتبارات كثيرة أن نعد اقتراع الأسبوع المقبل، مناسبة للاستفتاء على نوعين من القوة التي يبحث عنها الجمهور. الاولى استعرضها المالكي طوال أعوام، ولم نفهم منها سوى التهديد والوعيد والانهيار، وتجنيد آلاف الجنود الفقراء، والزج بهم في مواجهات بلا نتيجة مع مسلحين شديدي الغموض، فيما يتعلق بأعدادهم وتدريبهم وخطوط تموينهم، بينما بقيت مدننا مسرحاً يشهد على فشل المالكي في بناء الحد الادنى من السيطرة الاستخبارية، التي كان يفترض ان تحد من موجة الموت في قلب المدن الكبرى.

والقوة التي يتباهى بها أنصار المالكي، لم تنجح الا في التحول الى "ارتجال سياسي" جعله معزولا، لا يحظى بتأييد معظم الأطراف، ملاماً حتى من مرجعية النجف، التي شعرت ان الثقة التي وضعتها فيه، لم تستخدم لصالح جمع الناس في سياسة سليمة توحد الموقف الوطني، بل استخدمت بما يعنيه نفوذ الدولة، لتفريق الناس وتمزيقهم.

وعبر سيرته السياسية، يقدم لنا المالكي نموذجاً مؤسفاً لضعف تدابيره، ادى الى اضعافنا ككل امام هجمات المتشددين، فلا هو نجح في استخدام "الشدة البدائية" بمعناها الفيزياوي القاسي، ولا هو حافظ على شراكة مع الاطراف الأخرى، التي كان من شأن تماسكها اشاعة مناخ من التهدئة، يصعّب مهمة داعش وأخواتها. وصار معروفاً أن لا أحد قدم هدية للمسلحين، كما قدم المالكي نفسه، عجزا استخباريا وعسكريا، وفشلا سياسيا خرب التسويات وأضاع التهدئات النسبية التي تنعمنا بها حتى مطلع 2013، على حد تعبير وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس.

أما النوع الآخر من القوة والحزم، فيستند اول ما يستند، الى بناء شرعية سياسية متماسكة، للحرب التي يخوضها جيشنا وقواتنا الأمنية، ضد جماعات الموت العدمي، وهي شرعية أضر بها الحاكم الحالي حين ورط المؤسسة العسكرية، والقضائية ايضا، في الخلاف السياسي والخروقات المتعاظمة.

القوة والحزم بالشكل الذي يحتاجه العراق، ليسا مجرد رد فعل ثأري، ونواح على الراحلين، وتراشق وتلاعن، فهذا سوء تدبير عرفناه ايام صولات صدام حسين المخزية، داخلياً وخارجياً. وقد حاول العديد من العقلاء المعارضين لنهج المالكي، تذكيره دون جدوى، بأن الرضوخ للإصلاحات الداخلية، وإطلاق حوار مع الشركاء، وحوار جريء مع المحيط الإقليمي، والإنصات للنصائح، واعتماد المراجعة والاعتراف بالخطأ، هي طريق الحكمة الذي سيقلل الموت ويبني التسوية الامنية بموازاة التسوية السياسية، الحازمة والتي لا تتساهل مع مسببات النزاع وخرائط الدمار.

لم يحسن المالكي دور "الباطش القدير" الغريزي والبدائي الذي ربما يطلبه الجمهور في لحظات اليأس، ولا "الحكيم المدبر" الذي يحقن الدم ويصمم التنازلات المتعقلة، ويمد يديه للجميع برفق الأب أو الأخ الأكبر، ليحشد كل الاقوياء في مواجهة جماعات الموت.

ولذلك فان بقاءه في السلطة سيعني بقاءنا في العراء، لقمة سهلة للدهاء الاقليمي وشهية الانتحاريين، ما اصبح واضحاً اليوم سواء بمعايير الوطن، او بتقديرات "الطائفة"!



اضف تعليق
اضف تعليقك
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم:
البريد الالكتروني: اظهار البريد الالكتروني
التفاصيل: